تعد النقابات بنوعيها ( المهنية والعمالية ) أحد منظمات المجتمع المدني، وتلك النقابات تتمتع بطابع خاص داخل المجتمع المدني وخاصة في ظل اعتماد أعضائها وأصحاب المهنة او الحرفة الواحدة عليها بشكل كبير من ناحية، وكذلك القيود التي تفرضها عليها الدولة من ناحية أخرى فمع هذا وذاك، وبين القيود القانونية وجماعات الضغط التي تمارسها تلك النقابات تدور أحداث هذا الدليل التدريبي.
في هذا السياق أصدرت المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان دليلا تدريبيا معد للقيادات النقابية الشابة بالنقابات المهنية بعنوان( النقابات المهنية بين قيود القانون وجماعات الضغط ) واعد الدليل الأساتذة محمد عبد الله خليل وشريف هلالي المحاميان، وذلك في سياق مشروع تنظمه المؤسسة بعنوان ضمن مشروع "نحو إعداد جيل جديد من القيادات النقابية الشابة " بالتعاون مع مبادرة الشراكة من اجل الشرق الأوسط.
ويستهدف الدليل تحقيق عدد من الأهداف أهمها : توعية شباب النقابيين بخبرات ومهارات العمل النقابي ؛ تطوير خبرات شباب النقابيين في العمل النقابي؛ زيادة مشاركة شباب النقابيين في العمل النقابي؛ إعداد قيادات مهنية شابة؛ وضع اليد على المشكلات التي تواجه النقابات المهنية ووضع استراتيجيات لحلها.
يستعرض هذا الدليل التدريبي دور النقابات المهنية في المجتمع ووضعها بين القيود التي تفرضها نصوص القانون رقم 100 لسنة 1993 وبين جماعات الضغط النقابي التي تمارس من قبل منظمات المجتمع المدني من اجل محاولة تعزيز دور النقابات المهنية في المجتمع.
ويسعى هذا الدليل إلى خلق حوار بين شباب النقابيين في النقابات المهنية حول مفاهيم العمل النقابي ، والتأكيد على استقلال النقابات المهنية ودورها في الدفاع عن أصحاب المهنة فضلا عن دورها الخدمي والقومي في المجتمع المصري.
ويضم هذا الدليل ثلاث أبواب، الأول حول تعريف النقابات ونشأتها وتطورها والفرق بين النقابات بنوعيها المهنية والعمالية.
ويعرض الباب الأول تعريف النقابات هي مجموعات من الأفراد ينشأ بينها اتحاد على أساس تطوعي وأحيانا على أساس إجباري لكي تضم من يعملون في مهنة واحدة أو تخصص واحد ، ويتمثل الهدف من هذا النوع من الاتحادات (التنظيمات) في تحقيق مصالح أعضائها ، وتتنوع هذه المصالح وتدور حول العديد من الموضوعات منها : رفع مستوى المهنة التي ينتمي إليها الأعضاء، توفير ميثاق شرف أخلاقي يحكم أداء المهنة ، حماية مصالح الأعضاء والدفاع عنهم ، ومحاولة التأثير في القوانين والسياسات التي يمكن أن تؤثر في الأعضاء أصحاب المهن الواحدة او التخصص الواحد، العمل على توفير نظام للمعاشات يحمي الأعضاء وأسرهم في حالات الشيخوخة او الوفاة أو العجز، العمل على توفير نظام للتأمين الصحي يكفل العلاج للأعضاء وأسرهم بأسعار معقولة، الدفاع عن القضايا الوطنية والقومية للمجتمع، ربط أعضاء النقابة الواحدة أو أصحاب التخصص الواحد أو المهنة الواحدة برباط من الزمالة يحقق التضامن فيما بين الأعضاء .
ويتناول الباب الثاني النقابات المهنية من منظور القانون المصري ، وعلاقة الدولة بالنقابات المهنية وحرية التنظيم من منظور المعايير الدولية ، كما يتناول فكرة التعددية النقابية وهل هى صالحة للنقابات المهنية أم لا؟ بالإضافة إلى أهمية تمثيل الشباب داخل مجالس إدارات النقابات المهنية .
والباب الأخير يتناول الدليل فيه جماعات الضغط داخل النقابات المهنية ، واستعرض الدليل تجربتين في القيام بحملات ضغط ، منها تجربة المحامين في رفض فكرة رفع رسوم التقاضي ، وكذلك تجربة أطباء بلا حقوق .
ويستعرض الدليل العملية الانتخابية داخل النقابات المهنية وكيفية إجراء أعضاء النقابات المهنية بحملات انتخابية وكيفية إجرائها وعناصرها ، ثم ينتقل الدليل إلى حل النزاعات والطرق السلمية المستخدمة لذلك واختتمنا حديثنا في هذا الباب بطرق وكيفية التواصل مع وسائل الإعلام كوسيلة من وسائل ممارسة الضغط من أجل تمكين النقابات المهنية من أداء دورها.
وبالدليل عدد من المرفقات المهمة في شأن العمل النقابي المبادئ الدستورية فيما يخص حرية العمل النقابي ، و حكم محكمة النقض الصادر عام 2005 بعدم جواز الحراسة على النقابات المهنية ، ودراسة أعدها المستشار احمد مكي نائب رئيس محكمة النقض عن رأي القضاة في القانون 100 لسنة 1993 ، بالإضافة إلى ذلك حصرنا بيانات بأسماء وأعداد النقابات المهنية بمصر وطرق التواصل معهم، ودليل بكيفية مراقبة انتخابات النقابات المهنية.
وتؤكد المحكمة الدستورية العليا أن ما قصد إليه الدستور في المادة(56)
إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية. وينظم القانون مساهمة النقابات والاتحادات فـي تنفـيذ الخطط والبرامج الاجتماعية، وفى رفع مستوى الكفاية بين أعضائها وحماية أموالها. وهى ملزمة بمساءلة أعضائها عن سلوكهم فـى ممارسة نشاطهم وفق مواثيق شرف أخلاقية، وبالدفاع عن الحقوق والحريات المقررة قانوناً لأعضائها.
ومضمون هذا هو ضمان حق أعضاء النقابة في صياغة أنظمتها وبرامجها وتنظيم إدارتها وأوجه نشاطها واختيار ممثليها في حرية تامة وتلك هي الديمقراطية النقابية التي تكفل حرية النقاش والحوار في آفاق مفتوحة تتكافأ الفرص من خلالها وتتعدد معه الآراء وتتباين داخل النقابة الواحدة إثراء لحرية الإبداع والأمل والخيال ليعكس القرار فيها الحقيقة التي بلورتها الآراء المتعددة من خلال مقابلتها ببعض وقوفا علي ما يكون منها زائفا أو صائبا ، منطويا علي مخاطر واضحة أو محققة للمصلحة مبتغاه، علي تقدير أن النتائج الصائبة هي حصيلة الموازنة بين أراء متعددة جري التعبير عنها في حرية كاملة ، وانها في كل حال لا تمثل انتقاء لحلول بذواتها تستقل الأقلية بتقديرها وتفرضها عنوة ، كذلك فإن الديمقراطية النقابية في محتواها المقرر دستوريا لازمها أن يكون الفوز داخل النقابة بمناصبها المختلفة أيا كان موقعها . مرتبطا بإرادة أعضائها الحرة الواعية . وبمراعاة أن يكون لكل عضو من أعضائها ، الفرص ذاتها التي يؤثر بها ـ متكافئا في ذلك مع غيره – في تشكيل السياسة العامة لنقابته، وبناء تنظيماتها المختلفة، وفاء بأهدافها وضمانا لتقدمها في الشئون المختلفة التي تقوم عليها وبذلك يتحدد المضمون الحق لنص المادة (56) من الدستور التي لا تكفل الحرية النقابية لفئة بذاتها داخل النقابة الواحدة ولا تقرر أفضلية لبعض أعضائها علي بعض في أى شأن يتعلق بممارستها ولا تفرض سيطرة لجماعة من بينهم علي غيرها ، لضمان ان يظل العمل الوطنى قوميا وجماعيا في واحد في أدق مجالاته وأكثرها خطرا.
ويؤكد الدليل عدم جواز فرض الحراسة على النقابات المهنية ، والذي يستند إلى نص محكمة النقض الصادر في 28 فبراير 2005 ، الذي يشير إلى أن (وحيث أنه من المقرر أن النقابات العامة هي من أشخاص القانون العام التي لا يجوز فرض الحراسة القضائية عليها ، وهي لا تخضع في مباشرتها لنشاطها واختصاصاتها إلا لسلطات جمعياتها العمومية وما تسنه من لوائح وتصدره من قرارات لا يحدها في ذلك إلا النصوص التشريعية، وهي مبادئ متفرعة عن الأصل المنصوص عليه في المادة 56 من الدستور الدائم التي نصت فقرتها الأولي علي أنه :" إنشاء النقابات والاتحادات علي أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، ويكون لها الشخصية الاعتبارية ." وكل نص أو تصرف- من أي جهة سواء كانت تشريعية أو قضائية أو تنفيذية- يهدر هذا الحق بحظره أو تقييده يقع منعدما لا أثر له ، لما ينطوي عليه من مخالفة دستورية.
كذلك مرفق بالدليل نصوص النقابات المهنية رقم 100 لسنة 1993 كمرجعية لمستخدمي هذا الدليل .